Saturday, December 10, 2005

لماذا تجرأ على القرآن

منقول من تسجيل الشيخ / محمد بن سعد بقنة الشهراني
1
1
إن الحمد لله نحمده ونشكره ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. أدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاد، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. وارضى اللهم عن أبي بكر وعن عمر وعن عثمان وعن علي وعن جميع الصحابة والتابعين ومن اهتدى أثرهم إلى يوم الدين، ونحن معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم آمين. أما بعد...
1
عباد الله فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عزَّ وجلَّ، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ •)) {سورة الحشر، آية 18}، ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ • يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ •)){سورة الحج، آية 1-2}. اللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم آمين...
1
عباد الله، لا أدري كيف أبدأ خطبتي هذه، ولا أدري كيف أبدأ حديثي في هذا اليوم. إنه يوم الجمعة الثاني عشر من الشهر الرابع لعام ستٍّ وعشرين وأربع مئة وألف للهجرة. إن هذا اليوم يتمم اليوم السابع من يومٍ سمعت به الدنيا كلها، يومٌ تجرأ فيه الكافرون، يومٌ تجرأ فيه الملحدون، يوم تجرأ على من؟ على أعظم شيء في هذه الدنيا، إنه كتاب الله جلَّ وعلا. تنقل لنا مجلة "نيوز ويك" الأسبوع الماضي خبراً صغيراً في إحدى صفحاتها، القرآن دُنِّسَ في معسكر "قوانتينامو". ذلك المعسكر الذي فيه أسرى للمسلمين، أسأل الله أن يفك أسرهم، اللهم آمين. ذلك المعسكر الذي فضح الأمريكان، وفضحهم في كيفية تعاملهم مع الأسرى. شتّان والله بين دين الحق وبينهم، شتّان بيننا وبينهم، شتّان بين رسولنا عليه الصلاة والسلام وأوامره وبين قادتهم وأوامرهم، فرق مثلما بين الثرى والثريا. عليه الصلاة والسلام يأمرنا أن إذا أتانا الأسير أن لا نطغى عليه، ولا نؤذيه، بل نطعمه ونسقيه، ونحسن إليه، ونظهر له ديننا، ونعلمه شيءاً من تعاليم ديننا علَّ الله أن يهديه له. وهم يعذبون أسرانا، يعذبونه، يضربونه. تفشى خبرهم في الجرائد والمجلات والفضائيات، وما كان منهم إلا أن فضحهم الله من عقر دارهم، في مجلتهم.
1
إنهم دنَّسوا القرآن الكريم، إنهم وضعوا القرآن في المرحاض يا عباد الله. لا إله إلا الله، إنه كلام الله، إنه القرآن، إنه الدستور، إنه الهدى، إنه الشفاء، إنه كلام ربِّي جلَّ في علاه، إنه الذي أوحي به إلى محمد صلى الله عليه وسلم. لا والله ما أتيت لأخطب خطبةً ثوريةً نثور من أجلها، ولا أتيت لأخطب خطبةً تقوم من بعدها غضبى فقط، لا. إنهم عندما فعلوا ما فعلوا علموا علماً يقيناً أن مسلمي هذا الزمان –إلا من شاء الله– سيثورون ثورةً سرعان ما يخورون بعدها، ولذلك دنِّس القرآن. في هذه الخطبة أيها الأحبة سأسأل سؤالاً لنا نحن المسلمين، سؤالاً لكم يا من معي في هذا الجامع، سؤالاً لكم يا من تسمعونني في كل مكان، سؤالاً للرجال وللنساء، لماذا دنِّس القرآن؟ لماذا تجرأ على القرآن؟ ((قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ)) {سورة آل عمران، آية 165}. لن أتكلم في خطبتي هذه في تحليلات سياسية، لا، فليس مكانها هنا في هذا الموضع في هذا اليوم، وإنما أسأل سؤالي لنفسي ولكم أيها المسلمون. كيف تجرؤوا هذه الجرأة؟ كيف؟ لن أطالبهم بما طالب به علماؤنا وفَّقهم الله أن يعتذروا، وإن كان لا بد من الاعتذار إلا أنه قد حصل ما حصل والله المستعان، ولكن لماذا حصل؟ هنا بيت القصيد، هنا سمام الأمور، ((قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ)) أيها المسلمون.
1
حين هان القرآن علينا هان على غيرنا، حين هان القرآن علينا، أيها المسلمون، هان القرآن على غيرنا. نعم، حين هان القرآن على كثير من المسلمين فكان القرآن آخر همِّ بعض المسلمين هان القرآن على الكافرين، وكيف حال الأمة الإسلامية مع القرآن؟ وكيف حالكم أنتم يا من تسمعونني مع القرآن؟ كيف حالي وحالكم؟ أشكوا إلى الله تقصيرنا. ((وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً •)) {سورة الفرقان، آية 30} هُجِرَ القرآن، تُرِكَ القرآن، لا تلاوة، ولا حفظ، ولا تدبُّر، ولا تحكيم في بلاد بعض المسلمين، وعند أكثر المسلمين هُجِرَ القرآن، أين القرآن يا إخوتي يا أمة القرآن؟ أين القرآن منا؟ وأين نحن من القرآن؟ من رمضان إلى يومي هذا سبعة أشهر أيها المسلم، كم مرةً فتحت فيها كتاب ربك؟ كم قرأت؟ كم تدبَّرت؟ كم حفظت؟ كم أمرت أولادك أن يحفظوا من القرآن؟ اسألوا أنفسكم أيها المسلمون. كان عبد الله بن مسعود يقول: "من لم يختم القرآن في كل شهرٍ مرة فهو هاجرٌ للقرآن"، ((إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ • وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ •)) {سورة الطارق، آية 13-14}، ((لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ •)) {سورة الحشر، آية 21} على جبل ليس على قطعة لحم في الصدر، لا، على جبل. القرآن يُتلى ليل نهار، أين الخاشعون؟ أين البكَّاؤون من كلام رب العالمين؟ إنهم قليل، قليلٌ أولئك الذين إذا سمعوا القرآن ارتعدوا، تحرَّكت قلوبهم، اقشعرَّت جلودهم. ((اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)) {سورة الزمر، آية 23} أين نحن من القرآن يا عباد الله؟ حلقات القرآن في معظم بلاد المسلمين لا يذهب الآباء بأبنائهم إليها ولا الأمهات في بناتهم إليها إلا قليلٌ قليل وقليلها، لِمَ؟ لِمَ يُهتَمُّ بدرجات المدارس، ويهتم بمواد المدارس، وشهادات المدارس والجامعات، ولا يهتم أحدنا أن يكون ولده ممن عنده سندٌ في حفظ القرآن؟ أين نحن يا أمة القرآن؟
1
يا أمة المليار لقد أُهين القرآن ولن يهون، وتجرَّؤوا على القرآن. ((يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ • ... وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ •)) {سورة التوبة، آية 32-33} لقد أُهِينَ القرآن، ولقد تُجُرِّأَ على القرآن بفعلهم الخسيس. يقول الشيخ يوسف القرظاوي -حفظه الله- في حوارٍ في قناة الجزيرة، قال: "أخذوا القرآن وداسوا عليه، وبالوا عليه، ووضعوه في المرحاض". شتَّان بين دينٍ يقول إذا دخلتم على مدينةٍ فاتحين لا تقتلوا طفلاً، ولا تقتلوا امرأةً، ولا عجوزاً، ولا تقتلوا عابداً في صومعته {عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيوشه، قال: "اخرجوا بسم الله تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع"-مسند أحمد، ومن مسند بني هاشم، بداية مسند عبد الله بن العباس}. حتى العابد، حتى القسِّيس لو كان في كنيسته لا تدخلوا عليه وتعذِّبوه وتقتلوه، اتركوه في عبادته. وهؤلاء يتجرَّؤون على أصلٍ من أصول عبادتنا، ولا إله إلا الله.
1
لقد أهين وتجرِّأ على القرآن حين ضُيِّعت الصلاة يا عباد الله، حين ضُيِّعت الصلاة، حين قمت لصلاة الفجر، اليوم، وأردت أن أَؤُمَّ الناس، وكدت أن أُخطِئَ خطأً فادحاً، أتعرفون ما خطئي؟ كدت أن أقول أتِمُّ الصف الأول فالأول، فنظرت، وإذ بالصف نصف صفٍ يا عباد الله. أين الصفوف التي تأتي في المغرب والعشاء لا تأتي لصلاة الفجر؟ حين ضُيِّعت الصلاة ورأى الكافرون أحوالنا في صلاتنا تجرأ على القرآن. علموا أن هذه الأمة الموجودة الآن وهذا الجيل الآن ليس جيلاً يهتم بالقرآن وأهل القرآن، إلا من شاء الله جلَّ في علاه. لقد ضُيِّع القرآن حين تنافس الناس على الدنيا وكره الناس الموت في سبيل الله، هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشكُ الأممُ أنْ تَدَاعَى عليكم كما تداعى الأكلةُ إلى قَصْعَتِها، فقال قائل: ومن قِلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: بلْ أنتمْ يومئذٍ كثيرٌ، ولكنكم غثاءٌ كغثاءِ السيلِ، ولينزعنَّ الله منْ صدورِ عَدُوّكُمُ المهابةَ منكمْ، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حبُّ الدنيَا وكراهية الموت" {سنن أبي داود، كتاب الملاحم، باب في تداعي الأمم على الإسلام، 4297} ولكنكم غثاء كغثاء السيل، غثاء، مليار وأربع مئة مليون مسلم، ولكنكم غثاء كغثاء السيل. أرأيت متى يجعل الوهن في قلوبنا، متى ينزع الرعب من قلوب أعدائنا، حينما نحبُّ الدنيا ونكره الموت. يتسابقون على البورصات والأسهم والتجارات، ولا يتسابقون على حِلَقِ القرآن والذكر والحلقات. أين نحن أيها المسلمون؟ "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلَّط الله عليكم ذُلاًّ لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينه" {عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "..."-سنن أبي داود 3462، كتاب البيوع: الاجارة، باب في النهي عن العينة}. أرأيتم؟ سلّط من؟ الله. إذا رأى نتأنّى عن ديننا سلَّط الله علينا ذُلاًّ. آهٍ لذلّة أمةٍ ضحكت لغفلتها أمم ما صانها أحفادها، كلا، ولم يرعوا إمم. لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم، هذا ما أريده من هذه الخطبة. والله أيها المسلمون لا أريد تظاهرات ولا احتجاجات كفى ما جاء من إخواننا المسلمين في كل مكان، نريد حتى ترجعوا إلى دينكم، نقيم الدين في قلوبنا فيعزُّنا الله. قال الله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ •)) {سورة محمد، آية 7}.
1
نعم، أيها الأحبة الكرام لقد تجرّأ على القرآن حين أغرقنا من أعدائنا بالشهوات، أغرقنا بالشهوات، شهواتٌ في الفضائيات، شهواتٌ في الأسواق، شهواتٌ في بلاد المسلمين والمسلمات... شهواتٌ وشهواتٌ وفتن. أسأل الله جلّ وعلا أن يعصمني وإيّاكم من الفتن. فضائيّات لا تنشر إلا كل الفضائحيّات، فأين أين المسلمون؟ نسأل الله أن يعصمني وإيّاكم والسامعين أجمعين، قولوا آمين.
1
حينما يَسُبُّ أحد المواقع في البالتوك "PALTALK" رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيُطلب من المسلمين أن يُصَوّتوا وأن يُجمَع مليون توقيع، مليون من مليار وأربع مئة مليون. أرادوا في البالتوك مليون فقط، مليون يوقّعون على إغلاق هذا الموقع وهذه الغرفة بالبالتوك. جلس المليون يُجمَع في المليون أكثر من أسبوع. وفي برنامج الستار أكاديمي من أجل أن يُرشَّح مُغَنِّي -كأنّ أمة الإسلام ينقصها مُغَنّين- يُصَوّت له، كما قرأت في أحد الجرائد، أكثر من سبعين مليون نسم. يُسَبُّ محمد صلى الله عليه وسلم فيُوقِّع مليون في أيّام، ويُرشَّح مغني، فيُصَوّت له، ويوقّع له سبعون مليون. أين نحن؟ أغرقنا بالشّهوات. حتى تخرج إحدى المغنّيات -كما أُخبِرتُ بذلك- تخرج على الشّاشات عارية شبه عارية، حتى الملابس الداخلية قد ظهرت -كما يقول- أكرمكم الله و أكرم الملائكة والناس. عندما يقابل معها مقابلة: ألا تستحين؟ تقول: لا، لا أستحي، إنما أريد الشهرة بذلك.
1
حرية، ديمقراطية، لا والله لسنا أحرار بل نحن عبيد، عبيد أبناء عبيد أبناء إماء لله رب العالمين. أُغرقنا بالشهوات حتى أصبح الغيور يدخل القناة على أهله وبناته وينظرون إلى المسلسلات والأحظان والقبلات، ولا ينكر عليهم إلا من شاء الله من المسلمين والمسلمات. ألا تريدون أن يهان القرآن يا أمة القرآن وأهل القرآن قد أغرقوا في مثل هذا! لقد أهين القرآن وتجرأ على القرآن حين ذهب الحياء. حين يخرج شاب في إحدى القنوات يتباهى أمام العالمين بأنه من المخنّثين، أكرمكم الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المخنّثين من الرجال" (عن ابن عبّاس أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المخنّثين من الرجال والمترجّلات من النساء، وقال: "أخرجوهم من بيوتكم، وأخرجوا فلاناً وفلاناً"-سنن أبي داود 4930، كتاب الأدب، باب في الحكم في المخنّثين). نعم، يتشبّه بالمرأة بشعرها ولبسها وجزمتها كما قال لي أحد الباعة في جوار الجامع. يقول: رأيته وهو يقول أنا كذا وكذا، أي أنه لوطيّ والعياذ بالله، ويفتخر، ويقول هي حرية رأيٍ وحرية شخصية. رئيس الولايات المتحدة، الذي يدين بدينٍ عن غير ديننا، يرفض هذا النوع من الناس، ويريد أن يعاقبهم، وهذا الذي ينتمي للعرب وللمسلمين، فوالله ليس من المسلمين؛ يتباهى بذلك، والأفظع من ذلك أنّ الدكتور في الدراسات الإسلامية الذي معه يُقال له: ما حكمه؟ فلا يجيب بجوابٍ صريح. حكمه أن يُقتَل، حكمه من رأيتموه يفعل فعل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول (عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به"-سنن أبي داود 4462، كتاب الحدود، باب فيمن عمل عمل قوم لوط)، حكمه عند أبي بكر يُحرّق، فلما قال هذا الدكتور له: ألا تخاف من النار؟ ألا تريد الجنة؟ قال: لو كنت أخاف من النار أو أريد الجنة ما فعلت ذلك -كما نقل لي-، فلا إله إلا الله.
1
لقد تجرأ على القرآن حين تفرّق المسلمون، تفرّق المسلمون يا عباد الله، وأصبحت المسألة مسألة قوميّات، فمن كان من جنسيّتي هو أخي، ومن كان من غير جنسيّتي ليس بأخي. فوالله ليس هذا ديننا، وليس هذا ما تُعَلّم طلابنا في مدارسنا، إنما المسلم أخو المسلم سواءً كان من قبلي وبلدي أو من آخر بلاد العالمين. يقول عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح: "المسلم أخو المسلم. لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره" {صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره}. يقول عليه الصلاة والسلام: "لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخواناً" {صحيح الترمذي، أبواب البر والصلة، باب ما جاء في الحسد} المسلم أخو المسلم. يقول عليه الصلاة والسلام: "المسلم أخو المسلم. لا يحل للمسلم أن يخطب على خطبة أخيه، ولا يستام على سوم أخيه، ولا يبيع على بيع أخيه" {عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له" وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يستام الرجل على سوم أخيه-صحيح مسلم، كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وتحريم النجش والتصرية}. هذه عقيدتنا، والله من كان من بلدي أو من بلدٍ بجانب بلدي أو من بلدٍ بعيدٍ عن بلدي ما دام يقول لا إله إلا الله هو أخي وحبيبي، ومن كان من بلدي بل من قبيلتي بل هو من أبي وأمي ولكنّه لا يدين بدين الله فليس أخي. هذه عقيدتنا وديننا. لقد أستهين بالقرآن حين تفكك المسلمون، وأصبحت المسألة مسألة قوميّات. اللهم اجمع المسلمين على رايةٍ واحدة يا ربّ العالمين، واجعلهم جميعاً تحت راية لا إله إلا الله ناصرين ومنتصرين، بإذنك يا ربّ العالمين. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربّي غفورٌ رحيمٌ.
1
الحمد لله ربّ العالمين، وليّ الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. لقد تجرّأ على القرآن أيّها الإخوة في الله حينما أصبح كثيرٌ من دول المسلمين لا يطبّقون شرع الله حقّ التطبيق، بل أنّ هناك من لا يحكم بشرع الله. والحمد لله الذي منَّ على هذه البلدة، لأنّهم يُحَكّمون شرع الله والقرآن. اللهم زدها نعمة، واحفظها نعمة، وامنعها من الزوال يا ربّ العالمين، وأيّد وليّ أمرنا بنصرك وتأكيدك وجميع أولياء المسلمين لتطبيق كتابك يا ربّ العالمين يا ذا الجلال والإكرام. اللهم من طبّق كتابك وحكمك في بلدك فأيّده وانصره يا ربّ العالمين، واحفظه واحفظ له أمنه واستقراره يا ذا الجلال والإكرام. نعم، حينما وضع بعض المسلمين قوانين البشر بدلاً من قوانين ربّ البشر، حينما قلّدوا الغرب بقوانينهم الفرنسية أو الإنجليزية، وأبَوْا أن يجعلوها سماوية. أهين القرآن، وتجرأ على القرآن، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.
1
لقد تجرأ على القرآن حين انتشرت الشُّبهات، واستهان كثيرٌ من الناس بالعلم والعلماء. نعم، حين انتشرت الشُّبهات، شبهات في العقيدة، شبهات في السياسة، في الاقتصاد، في كل شيء، شبهات جعلت المسلم يقتل المسلم، جعلت المسلم يُفجّر أخاه المسلم، جعلت المسلم يتجرّأ على المسلم، ويسُبّ المسلم، بل جعلت كثير من الناس يسبّون أهل العلم والعلماء، ويتكلّمون في النيّات وكأنّهم قد علموا الخفيّات، ولا يعلم الخفيّات إلا ربّ الأرض والسماوات. "يقبض العلم -كما في صحيح البخاري- يقبض العلم، ويظهر الجهل والفتن، ويكثر الهرج، قيل: يا رسول الله وما الهرج؟ قال: القتل" {عن سالمٍ قال: سَمعتُ أبا هُريرةَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "يُقْبَضُ العِلمُ، وَيَظْهَرُ الجهلُ والفِتَنُ، ويَكثُرُ الهَرْجُ". قيل: يا رسولَ اللهِ وما الهرْجُ؟ فقال: هكذا بِيدِه فحرَّفَها، كأَنَّه يُريدُ القَتْلَ-صحيح البخاري 85، كتاب العلم، باب من أجاب الفتيا باشارة اليد والرأس}. ولذلك تجرأ على القرآن؛ حينما أصبح أبناء القرآن يقتلون أبناء القرآن، فلا إله إلا الله. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول في صحيح مسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُتْرَك عالماً اتَّخذ الناس رؤوساً جُهَّالاً فسُئلوا فأفْتَوا بغير عِلْمٍ فضَلُّوا وأضَلُّوا" {صحيح مسلم، كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان}. نعم يا عباد الله، ولذلك تجرأ على القرآن؛ حينما أصبح عدوّنا من أنفسنا، حينما أصبح أعداؤنا هم إخواننا.
1
تجرأ على القرآن حينما أصبح في بعض بلاد المسلمين العدو هم أهل اللحى، العدو هم أهل القرآن؛ الذين يعتقلون هم أهل القرآن، الذين يسجنون هم أهل القرآن، وأما غيرهم من المتسكّعين فإنهم قد يسجنون وقد لا يسجنون، قد يخرجون بكفالة. أما من ربى لحيته في تلك البلدان أعتقل وحُقّق معه، الحمد لله الذي أعزّ أهل اللحى في هذا البلد، الحمد لله على نعمته، أسأل الله أن يبارك وأن يزيد النعمة يا ذا الجلال والإكرام، يا رب. حينما أصبح في تلك البلدان إذا أتيت لتدخلها وأنت صاحب لحية أوقفوك في مطاراتها بالساعات، ليسألوا عنك. وغيرك ممّن هو متميّعٌ في شخصية غيره من الغرب الكافر يَمُرّ من عليهم مرور الكرام، وأما أهل اللحى فكأنهم لئام، أعزّ الله أهل اللحى المطبّقين للسنّة حقاً، العاملين بها، الذين ربّتهم لحاهم على القرآن والسنة، ولم تُربّيهم على الرياءِ والسُّمعة، اللهم آمين. ولذلك تجرأ على القرآن، علمتم أيها الأحبة لماذا؟
1
ما زال الكلام كثير وما زالت الأسباب كثيرة. قد يكون ما عندكم أكثر مما عندي، ولا يخفى شيء على الناس في هذا الزمان إلا ما شاء الله أن يخفيه، فقد أصبحت الكرة الأرضية كلها كأنها بلدة واحدة؛ نعرف ما في المغرب وما في المشرق وما في الشمال وما في الجنوب بجهازٍ صغير نسمع منه كل شيء.
1
الآن سنرفع شكوانا للملك، نعم، نرفع شكوانا للملك، ونقول: يا ملك، يا عظيم، يا رحيم، يا كريم، يا ذا الجلال والإكرام، يا ملك الملوك انصرنا وبرّد قلوبنا وأفئدتنا بأن ترينا فيمن أهان القرآن يوماً أسوداً، اللهم اجعله يتمنّى الموت فلا يجده، ويتمنّى النوم فلا يجده، اللهم اجعله عبرةً لمن لا يعتبر، اللهم من أهان كتابك أو أرادنا وأراد المسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا ذا الجلال والإكرام. أيها المسلمون، ارفعوا الأيادي للملك العظيم، اشكوا لله جلّ في علاه، قولوا: يا رب، يا ذا الجلال والإكرام، نحن المقصّرون وأنت الجواد، نحن الفقراء وأنت الغنيّ، يا رب كلامك تجرأ علينا، كتابك تجرأ عليّ، اللهم كما حفظت الكعبة فاحفظ كتابك، اللهم كما حفظت الكعبة من أبرهة فاحفظ كتابك من كل كافر يريد به هواناً يا رب العالمين، اللهم من مزّق القرآن فمزّقه ومن أهان القرآن فأهنه، اللهم هذه الدعوات ومنك الإجابة يا رب العالمين، يا من أجبت إبليس فخلّدته إلى يوم الدين أجبنا ونحن الموحّدين ونحن الذين نشهد أن لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنّا من الظالمين، اللهم أجبنا، اللهم انصر كتابك يا ربّ العالمين، وأيّد كتابك يا رب العالمين، وارفع كتابك في بلاد المسلمين وفي غير بلاد المسلمين يا ذا الجلال والإكرام، اللهم آمين. إليك يا رب نشكوا ضعفنا، وقلة حيلتنا، ولا حول ولا قوة إلا بك، حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير، حسبنا الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله مرمى، ليس وراء الله مرتجى.
1
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبّت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم فكّ أسرى إخواننا في كل مكان، وانصر إخواننا في العراق وفي فلسطين، اللهم احفظ هذا البلد واجعله بلد الأمن والأمان يا رب العالمين، وسائر بلاد المسلمين، اللهم اجمع ولاة أمور المسلمين في قمةٍ إسلامية صحيحةٍ يا ذا الجلال والإكرام، ألّف بين قلوبهم وأصلح اللهم شأنهم واهدهم يا رب العالمين واهدنا وإيّاهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم آمين. عباد الله إن الله يأمر كلّ الصلاة والسّلام على رسوله إذ يقول: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً •)) {سورة الأحزاب، آية 56} صلى الله عليه وسلم. وارضى اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن جميع الصحابة والتابعين ومن اقتدى أثرهم إلى يوم الدين.

No comments: